سورة الأعراف - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وَلَقَدْ جئناهم بكتاب فصلناه} بينا معانيه من العقائد والأحكام والمواعظ مفصلة. {على عِلْمٍ} عالمين بوجه تفصيله حتى جاء حكيماً، وفِيه دليل على أنه سبحانه وتعالى عالم بعلم، أو مشتملاً على علم فيكون حالاً من المفعول. وقرئ: {فضلناه} أي على سائر الكتب عالمين بأنه حقيق بذلك. {هُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} حال من الهاء.


{هَلْ يَنظُرُونَ} ينتظرون. {إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} إلا ما يؤول إليه أمره من تبين صدقه بظهور ما نطق به من الوعد والوعيد. {يَوْمَ يَأْتِى تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الذين نَسُوهُ مِن قَبْلُ} تركوه ترك الناسي. {قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بالحق} أي قد تبين أنهم جاؤوا بالحق. {فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا} اليوم. {أَوْ نُرَدُّ} أو هل نرد إلى الدنيا. وقرئ بالنصب عطفاً على {فَيَشْفَعُواْ}، أو لأن {أَوْ} بمعنى إلى أن، فعلى الأول المسؤول أحد الأمرين الشفاعة أو ردهم إلى الدنيا، وعلى الثاني أن يكون لهم شفعاء إما لأحد الأمرين أو لأمر واحد وهو الرد. {فَنَعْمَلَ غَيْرَ الذى كُنَّا نَعْمَلُ} جوابِ الاستفهام الثاني وقرئ بالرفع أي فنحن نعمل. {قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ} بصرف أعمارهم في الكفر. {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} بطل عنهم فلم ينفعهم.


{إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذى خَلَقَ السموات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} أي في ستة أوقات كقوله: {وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} أو في مقدار ستة أيام، فإن المتعارف باليوم زمان طلوع الشمس إلى غروبها ولم يكن حينئذ، وفي خلق الأشياء مدرجاً مع القدرة على إيجادها دفعة دليل للاختيار واعتبار للنظار وحث على التأني في الأمور. {ثُمَّ استوى عَلَى العرش} استوى أمره أو استولى، وعن أصحابنا أن الاستواء على العرش صفة لله بلا كيف، والمعنى: أن له تعالى استواء على العرش على الوجه الذي عناه منزهاً عن الاستقرار والتمكن والعرش الجسم المحيط بسائر الأجسام سمي به لارتفاعه، أو للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه وقيل الملك. {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَار} يغطيه به ولم يذكر عكسه للعلم به، أو لأن اللفظ يحتملهما ولذلك قرئ: {يغشي الليل النهار} بنصب {اليل} ورفع {النهار}. وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبو بكر عن عاصم بالتشديد فيه وفي (الرعد) للدلالة على التكرير. {يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} يعقبه سريعاً كالطالب له لا يفصل بينهما شيء، والحثيث فعيل من الحث وهو صفة مصدر محذوف أو حال من الفاعل بمعنى حاثاً، أو المفعول بمعنى محثوثاً. {والشمس والقمر والنجوم مسخرات بِأَمْرِهِ} بقضائه وتصريفه ونصبها بالعطف على السموات ونصب مسخرات على الحال. وقرأ ابن عامر كلها بالرفع على الابتداء والخبر. {أَلاَ لَهُ الخلق والأمر} فإنه الموجد والمتصرف. {تَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين} تعالى بالوحدانية في الألوهية وتعظم بالتفرد في الربوبية. وتحقيق الآية، والله سبحانه وتعالى أعلم، أن الكفرة كانوا متخذين أرباباً فبين لهم أن المستحق للربوبية واحد وهو الله سبحانه وتعالى، لأنه الذي له الخلق والأمر فإنه سبحانه وتعالى خلق العالم على ترتيب قويم وتدبير حكيم فأبدع الأفلاك ثم زينها بالكواكب كما أشار إليه بقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات فِى يَوْمَيْنِ} وعمد إلى إيجاد الأجرام السفلية فخلق جسماً قابلاً للصور المتبدلة والهيئات المختلفة، ثم قسمها بصور نوعية متضادة الآثار والأفعال وأشار إليه بقوله وخلق الأرض أي ما في جهة السفل في يومين، ثم أنشأ أنواع المواليد الثلاثة بتركيب موادها أولاً وتصويرها ثانياً كما قال تعالى بعد قوله: {خَلَقَ الأرض فِى يَوْمَيْنِ} {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوْقِهَا وبارك فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} أي مع اليومين الأولين لقوله تعالى في سورة السجدة {الله الذي خَلَقَ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ} ثم لما تم له عالم الملك عمد إلى تدبيره كالملك الجالس على عرشه لتدبير المملكة، فدبر الأمر من السماء إلى الأرض بتحريك الأفلاك وتسيير الكواكب وتكوير الليالي والأيام، ثم صرح بما هو فذلكة التقرير ونتيجته فقال: {أَلاَ لَهُ الخلق والأمر تَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين} ثم أمرهم بأن يدعوه متذللين مخلصين فقال.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13